أحدث الأخبار
  • 01:10 . كيف تحافظ أبوظبي على قربها من الولايات المتحدة بينما تتحاشى مواجهتها؟... المزيد
  • 12:50 . جيش الاحتلال يشن غارات عنيفة وينسف مباني سكنية بأنحاء متفرقة من غزة... المزيد
  • 12:46 . قتلى في تبادل لإطلاق النار على الحدود الأفغانية الباكستانية ليل الجمعة... المزيد
  • 12:40 . بينها الإمارات.. دول عربية وإسلامية ترفض حديث "إسرائيل" بشأن معبر رفح... المزيد
  • 12:20 . نيويورك تايمز: سيطرة الانتقالي على حضرموت تكشف مساعي أبوظبي لبناء هلال بحري على ساحل اليمن... المزيد
  • 11:51 . السعودية تطالب قوات تدعمها أبوظبي بالخروج من حضرموت بعد السيطرة عليها... المزيد
  • 01:26 . "التوطين": أكثر من 12 ألف بلاغ عمالي سري خلال تسعة أشهر... المزيد
  • 08:05 . حلف قبائل حضرموت يحمّل أبوظبي "المسؤولية الكاملة" عن التصعيد واجتياح المحافظة... المزيد
  • 08:05 . بعد مقتل أبو شباب.. داخلية غزة تدعو المرتبطين بالاحتلال لتسليم أنفسهم... المزيد
  • 12:46 . سائح بريطاني يعبّر عن دهشته من تزايد أعداد الإسرائيليين في دبي (فيديو)... المزيد
  • 12:45 . إيران تردّ على بيان قمة مجلس التعاون الخليجي بشأن الجزر الإمارتية الثلاث... المزيد
  • 12:43 . السودان: 15 قتيلاً في هجمات للجيش و"الدعم السريع" في كردفان... المزيد
  • 11:07 . "الإمارات الصحية" تطوّر خدمات فحص اللياقة الطبية لتأشيرات الإقامة... المزيد
  • 11:06 . جيش الاحتلال يشن قصفاً مدفعياً على مناطق شرقي غزة وخان يونس... المزيد
  • 09:36 . قناة بريطانية تدفع تعويضات كبيرة نتيجة بثها ادعاءً كاذبا لـ"أمجد طه" حول منظمة الإغاثة الإسلامية... المزيد
  • 06:39 . معركة النفوذ في حضرموت.. سباق محتدم بين أبوظبي والرياض... المزيد

لا مستقبل بدون الهوية العربية الجمعية

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 13-07-2019

لا مستقبل بدون الهوية العربية الجمعية | القدس العربي

في مؤتمر حضرته مؤخرا طرح موضوع الهوية العروبية الجمعية، الذي تسعى بعض أنظمة الاستعمار الغربي، بالتناغم التام مع النظام العنصري الصهيوني في فلسطين المحتلة، وبتعاون من قبل بعض الكتاب والأجهزة العربية، تسعى جميعها إلى تشويهها وإضعافها في الذاكرة الجمعية العربية.
عملية التشوية والإضعاف تلك تستعمل كسلاح ناعم في حروب متنامية لمزيد من تجزئة الوطن العربي، وإدخال حكوماته وشعوبه في صراعات وحروب أهلية لا تخمد في مكان حتى تشتعل في مكان آخر، تمهيدا لقيام الدويلات الطائفية أو العرقية أو القبلية، وبشرط بقاء تلك الدويلات الجديدة تحت المظلة الاستعمارية ـ الصهيونية المشتركة واندماجها الكامل، كتابع ذليل مستهلك، في النظام العولمي النيوليبرالي الرأسمالي.
من يريد أن يتعرف على أهداف ووسائل عمليات التشويه تلك ما عليه إلا أن يقرأ كتابات المستشرق الأمريكي الصهيوني برنارد لويس، وما نادى به رئيس الكيان الصهيوني السابق شمعون بيريز بشأن الشرق الأوسط الجديد، وتفاصيل مشاريع مثل «الحلف من أجل المتوسط» أو «الشرق الأوسط الكبير الجديد»، وما يكتبه الآن بعض العرب من الذين تخلوا عن أي التزام وطني أو قومي. 

قوى الشر والتآمر تلك تعتقد أن فرصتها التاريخية لإنجاح خططها توجد في اللحظة الحالية التي تعيشها الأمة العربية وتحياها الأرض العربية بكاملها.
لنعد إلى موضوع الهوية.. ما لفت انتباهي هو الاهتمام غير الطبيعي الذي أعطاه بعض المتحدثين والمحاورين في ذلك المؤتمر للهويات الفرعية، الدينية والمذهبية والإثنية واللغوية، واعتبار وجودها إشكالية تتشابك وتتصارع مع الهوية العروبية الجمعية. وهو طرح غير موضوعي، إذ إن الإنسان العربي، مثل غيره في كثير من بلدان العالم، يمكن أن تتعايش في ذهنه ومشاعره عدة هويات فرعية، طالما أنها تتعايش بسلام وتسامح من جهة، وطالما أنها لا تتقدم على الهوية الجمعية التي تسعى لقيام أمة واحدة غير مجزأة في وطن واحد غير مجزأ، ولا تتنافس معها من جهة ثانية. 

الهوية العروبية الجامعة لا يمكن أن تتعارض مع كون الإنسان العربي أيضا كرديا أو أمازيغيا، سنيا أو شيعيا أو درزيا، مصريا أو عمانيا أو مغربيا، فردا منتميا لهذه القبيلة أو العشيرة أو تلك، إنها بالعكس، تعتبر الهويات الفرعية ومكوناتها اللغوية والثقافية والدينية مصدر إثراء لها ومصدر تجديد دائم لمكوناتها.

الهوية العروبية الجامعة لها مكوناتها الخاصة بها مثل، اللغة العربية الأم والتاريخ الطويل المشترك، وأشكال كثيرة من التعبيرات الثقافية والفنية والسلوكية المشتركة، وبالتالي الأحلام والآمال المشتركة، كل ذلك كون «الأنا» الجمعية العربية المشتركة. وهي ليست جامدة ومنغلقة على ذاتها التاريخية، ذلك أن كل حقبة زمنية تطرح على تلك الهوية، على «الأنا» أسئلة جديدة تستدعي مراجعة مكونات الهوية، حتى تتخلص من أي جوانب وممارسات سلبية، وحتى تضيف محلها جوانب وممارسات إيجابية جديدة، من خلال تحليلات موضوعية نقدية تجاوزية، وبدون أي خوف أو تردد.
الهجمة الاستعمارية ـ الصهيونية الحالية هي لمنع طرح أسئلة التجديد في هذه الهوية وأسئلة ربطها بالواقع العربي. الأسئلة ستكشف للإنسان العربي أن تجزئة وطنه إلى دول وبناء أمته على أسس الهويات الفرعية، هي التي أضعفته في حقول السياسة والاقتصاد والأمن والعلم والثقافة وجعلته مستباحا ومنهوبا ومهيمنا على كل مقدراته. وستكشف أن خطابات ومواقف سياسية عربية واحدة، وأن اقتصادا مشتركا واحدا، وأن قوة عسكرية واحدة، وأن ثروة الوطن العربي كله هي للأمة العربية كلُها…. أن كل ذلك سيؤدُي إلى إخراج العرب كلهم من الضعف والتخلف والتهميش والعيش على أطراف حضارة العالم.
لكل تلك الأسباب تحتاج قوى المجتمعات العربية كلها أن تضع جهدا هائلا لحماية وتقوية وتجديد الهوية العروبية الجمعية. هذا الجهد يحتاج أن يبدأ في البيت، ليمر في المدرسة والجامعة، ولينتهي في مؤسسات السياسة والاقتصاد والثقافة والإعلام في طول وعرض بلاد العرب، ويحتاج أن يركز على إعادة الاعتبار للغة العربية الأم: تكلما وكتابة وقراءة، ولتعميق الوعي المتزن بالمشترك في التاريخ والجغرافيا والثقافة والفكر والقيم الروحية والأخلاق، وللإقناع العلمي بالأهمية الكبرى لأهداف أمة العرب النهضوية في المستقبل مثل، وحدتها واستقلالها وتجديدها الحضاري وانتقالها إلى نظام ديمقراطي عادل وبنائها لمجتمعات إنسانية في الحقوق والمسؤوليات.

المحاولة الحالية الخبيثة لإيجاد شكوك وفوضى فكرية وشعورية بالنسبة للهوية العربية الجمعية، هي أحد السموم التي يراد لشباب وشابات الأمة العربية أن يتجرعوها حتى يسهل تدمير هذه الأمة. موضوع الهوية هو موضوع وجودي، ويجب أن يعالج كموضوع حياة أو موت.