قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من أبوظبي على محافظة حضرموت الغنية بالنفط شرقي اليمن، كشفت بوضوح عن اختلاف أولويات كل من السعودية والإمارات في البلاد.
وأشارت الصحيفة في تقرير لها إلى أن التطورات الأخيرة في حضرموت تنذر بتراجع كبير في النفوذ السعودي داخل المحافظة لصالح الإمارات، رغم الارتباط التاريخي بين حضرموت والمملكة التي تشترك معها في حدود طويلة، وتدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً ومفهوم الدولة اليمنية الموحدة. وتتمثل المصلحة السعودية الأساسية – بحسب التقرير – في تعزيز أمنها وحماية حدودها الجنوبية المضطربة.
وفي المقابل، قالت الصحيفة إن أولويات أبوظبي في اليمن تبدو أقل وضوحاً، إذ يؤكد مسؤولوها عادة دعمهم لتطلعات اليمنيين، سواء باتجاه دولة واحدة أو دولتين، إلا أن تحركاتهم على الأرض تشير إلى أهداف استراتيجية بعيدة المدى.
وختمت نيويورك تايمز تقريرها بالتأكيد على أن أبوظبي تعمل على بناء "هلال نفوذ" يمتد على طول الساحل الجنوبي لليمن، بما يتيح لها التحكم في طرق التجارة البحرية عبر تأمين الموانئ والجزر ذات الأهمية الاستراتيجية.
على الصعيد الميداني، استيقظ سكان مدينة سيئون وعدد من مدن وادي حضرموت صباح الأربعاء على دوي انفجارات واشتباكات عنيفة بين قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة للدولة اليمنية من جهة، وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي من جهة أخرى.
وخلال ساعات، تمكنت قوات الانتقالي من اجتياح سيئون، ثاني أكبر مدن حضرموت، معلنة إطلاق عملية "المستقبل الواعد" للسيطرة على وادي وصحراء حضرموت، وبسطت سيطرتها على مواقع حيوية، بينها المطار وإدارة الأمن والمجمع الحكومي وقيادة المنطقة العسكرية الأولى.
وعلى إثر ذلك، حمّل حلف قبائل حضرموت، أمس الجمعة، أبوظبي “المسؤولية الكاملة” عمّا وصفه بـ“اجتياح المحافظة” ودعم مجاميع مسلحة بالمال والسلاح، مؤكداً مضيه في الدفاع عن أراضي حضرموت وحقول النفط، وداعياً الرباعية الدولية ودول التحالف العربي إلى التدخل وتحمل مسؤولياتهم أمام تطورات الوضع.
كما طالبت السعودية على لسان اللواء محمد عبيد القحطاني رئيس اللجنة الخاصة السعودية، بضرورة عودة جميع القوات التي قدمت من خارج محافظة حضرموت اليمنية إلى معسكراتها، وهي قوات تابعة للمجلس للانتقالي المدعوم من أبوظبي، وتسليم المواقع التي ستخرج منها إلى قوات درع الوطن (تشكيلات عسكرية مدعومة من السعودية).
ويرى مراقبون أن ما حدث في حضرموت والمهرة يمثل تغيراً مفصلياً في مشهد النفوذ الإقليمي والمحلي، وقد يعكس – وفق القراءة السياسية – إما بوادر صدام بين أقطاب التحالف (الرياض وأبوظبي)، أو تفاهمات غير معلنة تُدار “من تحت الطاولة”.
وفي كلا الحالتين، فإن التقدم المتسارع لقوات الانتقالي يشير إلى مسار خطير قد يفضي إلى إضعاف ما تبقّى من الجيش اليمني الرسمي، وتمزيق الخارطة الوطنية إلى “كانتونات” متنافسة، مرتبطة بجهات تمويل خارجية تتحكم بمسار الصراع وتوازنات القوى.
اقرأ ايضاً:
معركة النفوذ في حضرموت.. سباق محتدم بين أبوظبي والرياض
حلف قبائل حضرموت يحمّل أبوظبي "المسؤولية الكاملة" عن التصعيد واجتياح المحافظة